الأربعاء 31 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
تاج الجزيرة

تاج الجزيرة

فى أوبريت إذاعى شهير بعنوان «قسم وأرزاق» للشاعر الغنائى الكبير عبدالفتاح مصطفى وتلحين الموسيقار محمود الشريف مشهدان فى غاية الأهمية... المشهد الأول مشهد الرجل الطيب مرزوق والذى غرقت سفينته ووصل إلى جزيرة لا يعرف سكانها أى شىء عن المدنية مما جعل زعيم القبيلة يعجب إعجابًا شديدًا بسلطانية معدنية كان يرتديها مرزوق فوق رأسه ويعطيه فى مقابل ذلك كنوزًا من الذهب والياقوت والمرجان وخلافه. ثم عندما يعود إلى وطنه ويقص حكايته على جيرانه يشعر جاره الشرير «محمد الخياط» بالغيرة الشديدة فيقوم بتطريز كميات كبيرة من الثياب الفاخرة ويذهب إلى زعيم القبيلة مقدمًا له تلك المشغولات منتظرًا أن ينعم عليه بأكثر مما أعطى «مرزوق» فلا يكون من زعيم القبيلة بعد أن شاهد كل تلك الهدايا إلا أن يبادره قائلًا «أنا محتار أكافئك بأيه... مش ممكن ألاقى حاجة تعبر عن تقديرى لك أكتر من إنى أخلع عليك... تاج الجزيرة».



قيمة السلطانية أتت من ندرتها وهو ما تحاول العديد من الشركات فعله حاليًا فى عصر المعلومات... أن تجعل منتجًا عاديًا مرتفع السعر بصورة مبالغ فيها فلا يكون من المستهلكين من يستطيع التفكير فى القيمة مقابل السعر بل يفكر فقط فى السعر المرتفع ويعتقد أنه من الضرورى أن تكون القيمة أكبر مقارنة بباقى المنتجات, بالإضافة إلى مداعبة شهوة ورغبة البشر فى الإحساس بالتميز والاختلاف فتكون السيارة وساعة اليد والأجهزة الكهربائية معروضة بأسعار مبالغ فيها بالنسبة لمن يفكر ويحلل ولكن ما يحدث هو أن مجموعة من المستهلكين  Early Consumers يقومون بشرائها رغبة فى التميز وهو ما يخلق سوقًا كبيرة لتلك السلع والخدمات وربما لن يجرؤ أحد على أن يسأل هذا السؤال البديهى مرة أخرى.

وهنا قد يتبادر إلى ذهن القارئ أننى أرغب فى القضاء على هذا النموذج من البيع والتسويق والحقيقة أننا أمام أسواق حرة مفتوحة وأمزجة أكثر انفتاحًا ولا يجب بأى حال من الأحوال تقييدها أو إجبارها على أمر ما ولكن ما أرغب فى إيضاحه أن الحياة ليست مرتبطة بهذا المنتج أو تلك السلعة بمعنى أن من يمتنع عن شرائها لن يشعر بنقص نسبة الأكسجين فى الهواء ولن يتحول لونه إلى اللون الأزرق تمهيدًا لإعلان الوفاة.

أحد أساليب التسويق تعتمد على إنفاق نسب قد تصل إلى 90% من قيمة المنتج على عملية تسويقه وهى استراتيجية تنجح أحيانًا كثيرة بالرغم مما تنطوى عليه من خديعة وعدم أمانة فى أغلب الحالات.  فالأمر ببساطة مجرد إضافة «سلطانية جديدة» إلى القائمة الحالية.